التصدير
تصـــديــــــر
الطبعة الثالثة
لعلّ أبرز ما يميز مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري أنها آمنت مع أبي تمام بمقولته في أحد أبيات بائيته الرائعة:
بصرتَ بالراحة الكبرى فلم ترها
تُنال إلا على جسرٍ من التعب
وأخذنا على عاتقنا في هذه المؤسسة أن نعبر هذا الجسر وأن نتحمل كل مشاقه لنصل إلى أرض بكر لم يصلها قبلنا أحد، ولنفتح للثقافة العربية آفاقًا مدهشة بقيت تراود المثقفين العرب في أحلامهم.
اخترنا الطرق غير المعبدة لأن الطريق المعبد لا يقود إلا إلى المكتشف، إلى العادي، والمكرور، أما الطريق غير الممهد فهو الذي يفتتح عوالم مجهولة مبهرة، عوالم تعيد رسم خريطة الثقافة العربية، وتضع المسلمات والبديهيات في موضع المساءلة.
واختارت المؤسسة، ولم يمض على حضورها سوى سنوات قليلة، أن تقدم على مغامرة ثقافية لم تسبق إليها، وإذا كان البعض قد حاول أن يجمع شعراء مدينة عربية ووجد من المشقة الكثير، وبعضهم الآخر حاول أن يجمع شعراء قطر عربي ولم يتمكن من أن يحيط بجميع أركان المشهد.
فإن المؤسسة مضت في محاولتها إلى آخر الشوط إذ فكرت في إصدار معجم يجمع بين دفتيه شعراء العرب المعاصرين على امتداد الجغرافيا العربية، وهي مغامرة تتطلب إلى جانب الجسارة، الكثير من الإمكانات، التي لا يمكن لأي فرد أن يمتلكها.
ومضت المؤسسة في طريقها الصعب والاستثنائي وخلال عدة سنوات تمكن باحثو المؤسسة أن يصلوا إلى المبدعين في واحات الصحاري العربية، وفي القرى المنسية، وفي أخاديد الجبال الوعرة، وفي المدن المترامية، وتوغلوا في الأرض العربية يتابعون الكلمة الشاعرة من المحيط الأقصى إلى شواطئ بحار العرب.
وأصبح هذا السفر بهذا الشمول والدقة مرآة للشعر العربي المعاصر بكل تجلياته وألوانه وتساؤلاته ومشارفاته، وكان من حق كل مبدع عربي - إن شاء - أن يجد له مكانًا في هذا السجّل الرائد، وجمعت هذه الموسوعة في صفحاتها ثلاثة أجيال من شعراء العرب، الجيل الذي فتح عينيه على مطالع القرن العشرين، والجيل الذي برز إلى الوجود في منتصف القرن، والجيل الذي شهد الحياة في أواخر القرن السابق، لنبرهن على أن نهر الشعر العربي لم ولن يتوقف عن تدفقه، وتلاقى في طيات هذا المعجم شعراء ملأوا دنيا العرب بأهازيجهم وأناشيدهم، وشعراء مازالوا يتلمسون الـخُطى في طريقهم نحو الشهرة، يتعلمون ممن سبقهم دون أن يكونوا نسخًا منهم، فلكل جيل بصمته الخاصة، وتطلعه المتميز، وحرصت المؤسسة على المساواة بين الشعراء، من خلال الترتيب الهجائي للأسماء وتخصيص صفحات متساوية للجميع إيمانًا منها بأن الشعراء العرب على اختلاف مراتبهم هم أسرة واحدة، وأن المزاوجة بين تواضع الشعراء الأفذاذ وطموح الشعراء الناشئين هو دليل على تعاضد الشعراء وعلى إخلاص الجميع لإرثهم الشعري الفريد.
كما حرصت على أن يبقى هذا المعجم مفتوحًا على مسيرة الإبداع العربي، وفي كل طبعة جديدة يدخل إلى إيوان هذا المعجم ثلة جديدة من فرسان الشعر العربي.
وإذ تقدم المؤسسة الطبعة الثالثة من معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين إلى عشاق الشعر العربي فهي تعاهدهم على أن تستمر في حمل أمانة الشعر العربي إيمانًا بأمة عظيمة قدست الكلمة فكوفئت على ذلك بأن خصها الله بكلمته الأخيرة إلى البشر كافة.
عبدالعزيز سعود البابطين
الكويت في 27 ربيع الأول 1435هـ
الـمـوافق 28 من يناير 2014م
تصــديــر الطبعة الثانية
الحمد لله فاتحة كل خير، وتمام كل نعمة، بيده - سبحانه - الرفع والخفض، والبسط والقبض، والمسرّة والمساءة، والإحسان والإساءة، وصلاة وسلاماً على نبي الأمة، أفْصَحُ من نطق بالضاد، وأهدى من أعْرب عن سبل الرشاد، القائل حقاً، الناطق صدقاً:
إن من البيان لسحراً، وإن من الشعر لحكْما.
وبعد، فإنني بمزيد من الغبطة، والاعتزاز، أزفّ إليك - أيها القارئ الكريم - هذه الطبعة الثانية الجديدة من معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين - أزفها إليك أبهى إخراجاً، وأنقى طباعة، وأكثر استيعاباً لأجيال شعراء العربية المعاصرين في شتى أصقاع وطننا العربي الكبير: مشرقه ومغربه، بدوه وحضره، مدنه وقراه، كفوره ونجوعه، كل هذا بين دفتي معجم موسوعي واحد،حتى ليصدق فيه قول القائل:
ليس على الله بمستنكر
أن يجمع العالم في واحد
عزيزي القارئ الكريم:
لقد مضى على صدور الطبعة الأولى من هذا المعجم أكثر من خمس سنوات تلقّفتْه خلالها الأيدي بما يستحقه من الحفاوة والترحاب، واستقبلتْه الألسنة بمزيد من الثناء المستطاب، عبّرت بهذا وذاك عن اعتزازها بهذا الجهد البِكْر الذي سجّل ديوان الشعر المعاصر بأدقّ مايمكن للطاقة البشرية من عمق وشمول، وتواترت على مؤسستنا الفتية خلال هذه الحقبة ألوان شتى من أصداء الاستجابات لهذا العطاء المبذول، بين منيرى فيه المثال الحي للدقة العلمية والصنعة المعجمية الفذة، ومن يمضي به اعتزازه بالعمل إلى حدّ نشدان الكمال، فهو يتمنى لو تحققت له ملحوظة هنا، أو مطلب هناك، أو استُجيبت له رغبة في نموذج واطّراح آخر،أ و سُجلت له مأثرة في أحد بنود سيرته الذاتية، باعتبار المعجم وجه الثقافة الشعرية العربية الراهنة، وليس من ريب أن في مثل هذه الملحوظات نوعا من حسن الظن، فهي إكبار لقيمة العمل من ناحية، وهي - من ناحية أخرى - اعتزاز به إلى درجة طلب الكمال، و هو غاية عسيرة المنال، فقد استأثر بها - سبحانه - الخالق ذو الجلال.
في ضوء هذه الاعتبارات التي أبْدتْها جمهرة المتلقّين للمعجم، ونتيحة لما جدّ على الساحة الشعرية من تطورات خلال السنوات المنصرمة، كان ضرورياً أن تفكر المؤسسة في إصدار جديد لهذا المعجم، وقد بدأ هذا التفكير بعد الانتهاء من الإصدار الأول مباشرة، ثم تحوّل التفكير إلى تخطيط دقيق لآليّات هذا الإصدار بدءاً من الإعلانات الموسّعة عبر وسائل الإعلام المختلفة، ومروراً بالدعوات المتتابعة لفيالق الشعراء بغية التقدم بسيرهم ونماذجهم، أو اقتراح ما عسى أني طرأ من تعديلات على ما أثبتوه في الطبعة الأولى، ثم ما تبع ذلك من تشكيل فرق عمل لتلقي الاستجابات وفرزها وعرضها على لجان مختصة تنعقد دورياً للنظر فيما تلقته المؤسسة من أصداء دعواتها المتعاقية، حتى انتهى الأمر خلال حقبة زمنية ممتّدة إلى هذه الحصيلة التي تصافح يديك أيها القارئ العزيز.
وإذنْ قد كان هذا الإصدار الثاني للمعجم الماثل أمراً طبيعياً، بل لعله كان هدفاً مطلوباً في ظل تغير الظروف وتبدل الأحوال، فقد دخل حلبة الشعر فرسان لم يكونوا موجودين عند صدور الطبعة الأولى، أو كانوا موجودين ولكن إنتاجهم لم يكن بدرجة التألق المناسبة للمعجم، ناهيك عن أنه على الرغم من أن المؤسسة حرصت منذ البدء على مسح الساحة الشعرية مسحاً ميدانياً بواسطة شبكة واسعة من المندوبين، ومن خلال الاتصال المباشر أو الهاتفي بالشعراء واستكتابهم، بقي أفراد من الشعراء خارج إطار المتاح،بسبب البعد عن دائرة الضوء،أو العزوف عن عرض الذات، أو الوقوع بمنأى عن جهد عناصر جمع المادة، وهو جهد بشريّ محدود، مهما كان حجمه، ولذلك كان منطقياً أن يحاول هذا الإصدار الجديد استقصاء ما عسى أن يكون قد ندَّ عنه من عشرات الشعراء في طبعة المعجم الأولى، كما حاول أن يواكب الجوهريّ من متغيرات السير الذاتية للشعراء، فمن زاد رصيده من الدواوين أو الأعمال الإبداعية نوّه المعجم به، ومن استجدَّت في حياته العملية طفرات في درجات العمل أو محل الإقامة أشار إليه،ومن انتقل من دار الفناء إلى دار البقاء سجّل المعجم وفاته في هامش السيرة الذاتية.
من ثم تجد - عزيزنا القارئ - تطوراً ملموساً في هذه الطبعة الثانية، سواء في غزارة المادة، أو نوعها، أو مستواها، وكذلك في عدد من يضمّهم المعجم من الشعراء، حيث أضيف إلى شعراء الطبعة الأولى، وعددهم يصل إلى ألف وستمائة وأربعة وأربعين شاعراً، ما يناهز ثلاثمائة شاعر جديد، وهكذا تقترب حصيلة الطبعة الجديدة من ألفي شاعر، وهو عدد - لو تأملت - جدّ كبير.
بيد أن الإنصاف يقتضينا القول إن هذه المتغيرات في حجم الجهد والمستوى لم تنل من شفافية المقياس الذي اتخذه هذا المعجم نبرا ساًله، أَلا وهو ألاّ يكون الذوق الشخصي معياراً لاختيار المشاركين من بين المتقدمين، فقد ظل حادينا باستمرار أن نسجّل المشهد الشعري الراهن بكل تخومه وألوانه واتجاهاته، وبيئاته، دون تمييز أو مفاضلة، وهو المقياس الذي احتكمنا إليه في هذه الطبعة، كما احتكمنا إليه في الطبعة الأولى، الأمر الذي مكّن لهذا المعجم أن يصبح ركيزة هامة في بنيان الاختيارات الشعرية العربية عبر عصورها المختلفة،كما جعل منه مرجعاً أساسياً للمشتغلين بالشعرية في الجامعات ومراكز البحث العلمي على تنوعها، وإننا لنستشعر مزيجاً من الاعتزاز والحمد للخالق - سبحانه - حين نرى كثيراً من الرسائل الجامعية والبحوث الأكاديمية يتخذ من هذا المعجم - الذي نقدم إليك اليوم طبعته الثانية - قاعدة للتعريف بالشعراء، وحافزاً للاستزادة من نتاجهم بالرجوع إلى مصادره في مظانّه المتنوعة.
وفي الختام لا نملك - عزيزنا القارئ - إلاّ أن نعتذر عما لاحيلة في الاعتذار عنه، فقد أرسل إلينا بعض المبدعين شذرات من نتاجهم، ولم يقدر لهذه الطبعة أن تسعد باحتواء ما أرسلوه، إمّا لأنه تأخر في طريق الوصول، أو لعدم كفايته، أو لنقص المعلومات المرفقة به، أو لأن هذا الذي أرسل لم يلبّ معايير الاختيار التي التزم بها المعجم منذ البدء، فلهؤلاء وغيرهم نتقدم بجميل الاعتذار، متعلّلين بقول الشاعر:
رُزقْتَ أسمح ما في الناس مِنْ خُلُقٍ
إذا رُزقْتَ التماس العذر في الشِّيَم
اللهم كما أحسنت بدء هذا العمل أحسنْ - بفضلك - غايته، وسدّد على طريق التوفيق مسيرته، واجعل الجهد فيه خالصاً لوجْهك الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
رئيس مجلس الأمناء
عبدالعزيز سعود البابطين
افتتاحية الطبعة الأولى
الحمد لله..
الحمدُ للهِ الذي هَدانا لهذا، وما كُنّا لِنَهْتديَ لولا أَنْ هدانا الله..
وصلاة وسلاما على رسوله المصطفى الذي عرف بالفصاحة والبيان، واشتهر بحبه للشعر، وتذوقه له، وإثابته عليه. ولعل في موقفه صلى الله عليه وسلم من كعب بن زهير عندما جاء معتذرا عما بدر منه بقصيدته التي مطلعها:
بانت سعاد فقل بي اليوم متبول
متيَّم إثرها لم يُفد مكبول
لعل في موقفه المعروف منه، وخلعه عليه بردته الشريفة ما يكشف عن مدى حبه صلى الله عليه وسلم للشعر، وتقديره للشعراء.
ورضوان الله على صحابته الكرام الذين سمعوا الشعر، وطربوا له، وحثوا على دراسته وحفظه، فهذا عمر بن الخطاب يقول لأبي موسى الأشعري: «مُرْمَنْقِبلك بتعلم الشعر, فإنه يدل على مكارم الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب»، وهذا عبدالله بن عباس حبر هذه الأمة يروى شعر عمر بن أبي ربيعة في المسجد الحرام إعجابا بشاعريته، وتقديرا لفنه.
فلا عجب أن تبارى الرواة والأدباء في حفظ الشعر وروايته، ولا عجب أن تنافسوا في تأليف الكتب التي تتناول طبقات الشعراء، وتعرّف حتى بالمقلين أو المجهولين منهم، أو التي تسجل مختارات من عيون الشعر العربي في شتى فنونه وأغراضه. فمن كتب الطبقات والتراجم:
طبقات فحول الشعراء لابن سلام الجمحي (ت231هـ).
الشعر والشعراء لابن قتيبة (ت276هـ).
طبقات الشعراء لابن المعتز (ت296هـ).
معجم الشعراء للمرزباني (ت384هـ).
يتيمة الدهر للثعالبي (ت429هـ).
ومن كتب المختارات: الأصمعيات، والمفضليات، وكتب الحماسة لأبي تمام، والبحتري، وابن الشجري، وغيرهم، وكتب الأمالي، والمجالس، وكتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني و عشراتغيرها.
بل لا عجب أن كان الشعر هو عماد اللغويين الأساسي في تأليف المعاجم، ودراسة قواعد اللغة، حتى أصبح لفظ الشاهد اللغوي إذا أطلق ينصرف إلى شواهد الشعر وحدها، وحتى أصبح اللغوي يمدح لكثرة محفوظاته الشعرية كابن دريد الذي مدحه أبو الطيب اللغوي بقوله: وكان أحفظ الناس، وأوسعهم علما، وأقدرهم على الشعر، وقال عنه الخطيب البغدادي: وكان يقرأ عليه دواوين العرب في سابق إلى إتمامها ويحفظها.
فامتدادا لهذا الاحتفاء الواضح بالشعر أبي الفنون وقمة الإبداع العربي وبالشعراء العرب، واستمراراًلأعمال الأدباء التي دارت حول الشعراء، واحتفظت لنا بنماذج من أشعارهم، جاء معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين الذي نضعه بين أيديكم الآن والذي يعد حلقة في سلسلة إصدارات مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، وأول عمل موسوعيت تولى المؤسسة صناعته وتأليفه بطريقة ابتكارية لم يسبق إليها تقوم على الجمع الميداني بواسطة شبكة واسعة من المندوبين، ومن خلال الاتصال المباشر بالشعراء، واستكتابهم سيرهم الذاتية، واختيارهم بأنفسهم نماذجهم الشعرية التي يرونها أفضل ما يمثل فنهم الشعري.
وإذا كان ثمة من ميزة لهذا المعجم عن غيره من المعاجم وكتب الطبقات التي أشرت إليها سالفًا فهي أنه أشمل وأجمع، حيث ضم تراجم ومختارات للشعراء العرب داخل وخارج الوطن العربي، ولم يقصر جهده على منطقة جغرافية دون أخرى، ولم يتدخل في معلومات السيرة الذاتية، بل ترك للشعراء كتابة سيرهم بأنفسهم، واختيار أشعارهم التي تمثلهم، وقد اقتصر جهد جهازنا الفني على توحيد النمط.. وإزالة الزوائد من السير الذاتية حيث اكتفت بالمعلومات الضرورية وأخذت من الشعر الذي اختاره الشاعر ما يتفق مع المعايير العامة ويتسع له الحيز..
ولست أريد أن أتحدث عن مدى الجهد الذي بذل لإتمام هذا العمل، ولا عن أوجه الإنفاق الكثيرة التي صاحبت إنجازه، فليس أصعب على الإنسان من حديثه عن نفسه، وإنما أترك هذا العمل بين أيدي الأدباء والنقاد ليشهدوا هم له، كما شهد هو لنفسه بما التزمه من منهج دقيق، وسار عليه من خطة محكمة، وما وفره من مادة لم يسبق توفيرها لا في القديم ولا في الحديث.
كما لا أريد أن أوجه الشكر لأحد باسمه من فريق العمل الذي تولى التخطيط للمشروع، وتنفيذه فجميعهم يستحقون الثناء، وكل فرد منهم أدى دوره بإخلاص وتفان حتى اكتمل هذا المعجم، واستوى على سوقه.
ومع هذا فإن مجلس الأمناء الأول الذي خطط للمشروع، وراقب تنفيذه وتابع خطواته منذ البداية وحتى ما قبل صدوره بقليل يستحق التنويه والإشادة للجهد الوافر الذي بذله، وأذكر علي وجه الخصوص جهود الأستاذ الدكتور محمد زكي العشماوي، والأستاذ الدكتور محمد مصطفى هدارة، والأستاذ الدكتور علي الباز أعضاء مجلس الأمناء السابق، تلك الجهود الخيرة التي نشكرها ونضعها في موضعها من الاعتبار والاحترام، أما الأستاذ الجليل المرحوم الدكتور يوسف خليف، فإننا نذكر اسمه مقرونا بالأسف.. فقد تمنينا أن يكون بيننا ليشهد ميلاد المعجم الذي بذل من أجله الكثير.. ندعو الله جلت قدرته أن يسكنه فسيح جناته، فقد كان رجلاً فاضلاً وكان من أعلام الثقافة في وطننا العربي الكبير..
وأخيرا أعبر عن سروري البالغ لوضع مؤسستنا اللبنة الأولى في بناء التواصل بين أجيال الشعراء، وعن سعادتي الغامرة بهذه النخبة من شعراء المعجم، وأعتبرني بهذا قد حققت خاطرا طالما راودني، وأحييت أملا كان يخالج نفسي حينما أخلو بها.
لقد حرصت المؤسسة - بعد مناقشات، واسعة في مجلس الأمناء وهيئة المعجم واللجان الاستشارية المختلفة - أن لايكون للذوق الخاص أو للاتجاه الفني أو المفاضلة والتمييز مكان في معايير اختيار المشاركين من بين المتقدمين، بل كان الحرص أن يسجل المشهد الشعري العربي بكل ملامحه وتضاريسه وألوانه واتجاهاته، معتبرا ذلك مطلبا لابد أن يلبيه المعجم لصالح الحركة الشعرية العربية ولصالح الشعراء العرب والمهتمين بقضايا الشعر العربي ونقده.
وإنه من تحصيل الحاصل القول بأن النماذج المختارة للشاعر قد لاتكون معبرة تعبيرا كافيا عن تجربته وقيمته الفنية لكنها تعطي مؤشرا لابد منه، وللقارىء المهتم بالاستزادة بعد ذلك، أن يسعى للحصول على مجمل إنتاج الشاعر أو بعض ذلك الإنتاج في سوق الكتاب، فقد عرَّف المعجم، من خلال سيرة الشاعر، بدواوينه الشعرية ومؤلفاته وما كتب عنه.. لقد سعى معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين لجميع الشعراء على اختلاف مستوياتهم وأعلن عبر كل الوسائل ومنها الاتصال الهاتفي واللقاء الشخصي، فإن أخفق في تحقيق الكمال فإن الكمال لله وحده ولا أحد يجرؤ على ادعائه.. لكننا بذلنا الجهد ما وسعنا ذلك والحمد لله.
وفي النهاية فإنني أطلب المعذرة من الشعراء الذين كاتبونا، ولم ترد أسماؤهم ضمن شعراء المعجم، إما لأن نماذجهم الشعرية لم تتطابق مع معايير الاختيار التي وضعها مجلس أمناء المؤسسة وهيئة المعجم، أو لعدم كفاية ما أرسلوه من نماذج، أو لنقص المعلومات عنهم، أو لتأخرهم في الكتابة إلينا، وموعدنا مع هؤلاء أو بعضهم في الطبعة الثانية من المعجم بعد أن قر رأي المؤسسة على إنشاء هيئة دائمة لشؤون المعجم، والعمل على استدراك ما قد يكون ند عن فريق العمل، وتحديث المعلومات أولا فأولا.
والله يوفقنا، ويسدد خطانا، ويجعل ثوابنا متصلا بعد انقطاع أعمالنا باحتسابه - تعالى - هذا العمل من العلم الذي يُنتفع به.
إنه سميع مجيب.
عبدالعزيز سعود البابطين